Tuesday, September 23, 2008

Goodfellas








"نون "



قبل الأحداث المؤسفة الأخيرة , كنت نادرا ما ترى أحدهم يدخل ندوة أو إجتماعا منفردا دون أن يحيط به الأخرون , فتصمت القاعة و يلتفت الجميع إلى الباب الذي يعبره ستّة ذوي وجوه متباينة مألوفة , يستمر الصمت برهة إلى أن يجلسوا ببطء و تثاقل فيعود بعدها الذي على المنصة إلى مواصلة الإلقاء بإرتباك و حذر..
لا يمكن الحديث عن "نون" دون أن نبدأ بـ : "مروان آل غافوري " , يمني الأصل ,ضخم و عريض و له وجه يدل شراسة إيطالية لا يمكن تجاهلها , تتم الإشارة له دائما بالـ "مؤسس " , و على الرغم من شعبيته الفائقة إلا أنه مطلوب في جميع المنتديات العربية و من قبل عدة جهات أمنية أخرى يشار إليها بحروف ثلاثية مهمة , تتم ملاحقته و محاولات إغتياله كروتين في حياة المؤسس يشحذ قدرته على الكتابة غالبا.. عن يمينه يسير النحيف "قرنة" , أو "الشرس " , شاعر فذ , جسده الضئيل لا يوحي أبدا أنه في أي لحظة قد تحاول تعكير مزاجه ولو دون قصد سيخرج مدية حادة مفزعة التشكيل و يترك لك تذكارا حادا في أي أنحاء جسدك , خاصة إذا كنت أحد المشاركين في ندوة ما و بدر عنك في حضوره خطأ لغوي أو عروضي أو بيت تشكيله الفني غير قابل للبلع , عن يسار "المؤسس" يكون غالبا "عزت " أو " الروسي " أو يغيب في بعض الأحيان , طبيب متوسط الطول و بلحية خفيفة ,يمتلك الروسي مزاجا عنيفا تماما رغم ملامحه الوديعة , أما عن اللقب فهو نسبة إلى قصائد النثر العجيبة التي كان ينشرها دوريا على منتدى "نون " .. يروى عنه أنه و بدون أن يتغير انطباع وجهه البارد شرّح جثة كاملة لأحدهم , كان قد علق قبلها بيومين على صديقة أحد رفاق الروسي في نون بطريقة غير لائقة , شرحه و علقه على بوابة التكعيبة تتدلى منه أعضاءه كل على حدة , مربوطين إلى العمود الفقري بخيوط الشاي الفتلة , طحال و كبد و قلب و أمعاء و مثانة و قضيب و لسان.., خلفهم يسير في تؤدة "البوذي"..أو " المعلّم " محمد سيد حسن , طبيب هو الأخر و رفيق المؤسس المقرّب و كاتم سرّه , مطلوب في عدة محافظات بسبب عدة جرائم سببها إضطرابات نفسية نادرة الحدوث , أشعل النار في قصر ثقافة بهتيم العام الماضي بعد أن سد النوافذ و باب الخروج الوحيد أمام الحضور , وذلك عقب أن ألقى أحدهم هناك خلال مهرجان للثقافة الجماهيرية قصيدة عمودية ردئية و طويلة جدا لم تتحملها أعصاب البوذي الحساسة , فقام " البوذيّ" بهدوء , اتصل بالروسي و قرنة فحضرا في سيارة الأخير بجالونات جاز و مشط كبريت ..
إلى جوار البوذيّ غالبا ما يكون يزيد الديراوي أو "المناضل " , تتم ترجمة المناضل أحيانا إلى تعبيرات أخرى , و يزيد له عدة ملفات دولية تتعلق بتورطه في صفقات سلاح مشبوهة لجهات عدة , طويل وسيم يرتدى نظارة طبية أنيقة لا يمكنك أبدا أن تتخيل أبعد من كونه أحد أثرياء غزّة الودعاء الدارسين في مصر , و يتبعهم متأخرا دائما , الغني عن الذكر " خالد عبد القادر " بمشيته الثابتة و بمهابته الملحوظة..
"نون"..جماعة أدبية جذرية الإختلاف , وهي كتشكيل إجرامي نادر تتشكل أساسا من مجموعة من المطرودين من أغلب المنتديات العربية تتبعهم لعنات و حكايات كثيرة , قرروا في النهاية تشكيل الهيكل الإداري الخاص بهم و الذي لم يحقق أي نجاحات إدارية حتى الأحداث , المؤسفة الأخيرة , لأنه كان من العسير إقناع حفنة من سوداويي المزاج و المصابين بشكل أساسي بـ
the God complex
على حدّ تعبير البوذيّ _ بأن على أحدهم العمل على إستهلاك وقته الشخصي في خدمة الأخرين , علّق "المناضل " على ذلك ذات مرة : أنه انضم لنون من أجل صفقات كبيرة , لا ملجأ أيتام لشباب الأدباء , بالطبع كان هناك الكثيرون من ذوي السجلات الجنائية المهمة الذين حضروا الإجتماع التأسيسي لـ "نون " , و الذين لا يمكن الحديث عنهم لعدم وصول أخبار كافية عنهم أو تفضيلهم للإبتعاد عن مركز الاحداث في وسط البلد , لكن ما زاد الطين بلّة هو انضمام عدّة أفراد معروفين بسجلهم الخطر ضمن ما يعرف بملفات "سيميا " السرية , مثل : سالم عبادة , الإيطالي سريع الغضب الذي ورد إسمه في أحداث الساقية 2008 , كريم الصياد , الأكاديمي الوقور و المتهم بتورطه أيضا في تفجير قاعة النهر بساقية الصاوي خلال الأحداث نفسها , و أخيرا " هرمس " أحد أشهر أشقياء التنظيم السري "سيميا " المعني بالتنقيب خلف ديانات و منظمات سرية قديمة ممنوع الخوض بشأنها عموما ..
التأريخ لـ"نون" يبدو عسيرا في ظل الروايات المتباينة التي تمت حكايته فيما بعد من عدة الجوانب, خاصة و أن جميع أفراد "نون " نفوا بعد ذلك أن أحدهم كان يوما عضوا في أي تشكيل خاص بل و نفوا وجود "نون " نفسها , لكن على كل حال يمكن عن طريق الجمع و الطرح بين الروايات المتناقضة تحديد موقعة صغيرة نشبت قرب قهوة عم حسن إبّان حرب الشوارع الشهيرة بين الجماعات الأدبية الجديدة التي بدأ نفوذها يتسع فتشمل سطوتها عدة أماكن و مراكز ثقافية هامة بداية من العام 2006 إلى نهايات 2008 , حين قاد المؤسس " نون " إلى نصر تاريخي على جماعة " الكشكول 65" ثم احتجاز مؤسسها "سيد شنّاوي " لمدة أربع ساعات في مبولة القهوة إلى أن حضر "خالد عبد القادر " و أفرج سراحه دون علم الباقين من باب الشهامة
ربما أو لأنه كان في حاجة إلى المبولة نفسها , علّق الروسي عزّت على ذلك فيما بعد قائلا أن خالد كان دائما معارضا لمشيئات المؤسس..كان إبن العائلة الضال.
جميعهم تقريبا حصلوا على مراكز متقدمة في عدة جوائز , أفسدوا عدة إحتفاليات أدبية في اللحظات الأخيرة لأسباب تتعلق بالشرف أو الكرامة الأدبية , ( راجع عصر الفوضى لـ طه عبد المنعم: دم و دموع في وسط البلد _ إصدارات دار الجبل 2008 ) , إذ بغض النظر عن أحداث الساقية التي تورطت فيها أسماء عدة و طالت الفضيحة عدة جهات و جماعات أدبية شهيرة , كان لـ " نون " اليد الأولى في عدة حوادث أخرى شهيرة : خطف صلاح فضل على الهواء مباشرة أثناء إذاعة الحلقة الأخيرة من "أمير الشعراء " , إغراق الصحف و المجلات و المواقع الأدبية بسيل من القصص و القصائد المختلقة لحظيا تحت أسماء مستعارة, بشكل أشبه بصناعة جيل كامل من الأدباء الوهميين أو خلق تيار أدبي جديد تماما لمجموعة من الأسماء الوهمية المثابِرة على الإرسال لجميع وسائل الإعلام إلى الحد الذي أغرى كبار النقاد و المثقفين بالتعليق على هذا الإنتاج الأدبي الحديث بمقالات نقدية مطوّلة و شروح في الخصائص المميزة لهذا التيار الأدبي الوليد بل و صدور دراسات خاصة متعلقة بإنتاج أسماء معينة منها و منح درجات أكاديمية عن أوراق بحثية عن مجمل أعمال بعضهم.
أما عن بداية النهاية فكانت نتيجة إقتراح من المؤسس بإنهاء السخف الأدبي في وسط البلد و بشكل راديكالي تماما , و ذلك عن طريق تكوين " نظام خاص " مهمته تصفية جميع أشكال العلو*ية الأدبية على الجبهتين:الإفتراضية و الحقيقية في وسط البلد , و قبل إكتمال النصاب القانوني للتصويت على الإقتراح في نون بدأت سلسلة من الإغتيالات مجهولة الملابسات لمجموعة من أسخف الشخصيات الأدبية إفتراضيا و على أرض الواقع , كان أولها نفخ الروائي
"حمادة صيدليّة " بمنفاخ إطارات ضخم انتهى بتحليق حمادة لأيام في سماء وسط البلد كبالون هيليوم ضخم وهو ما كان بمثابة بيان علني للجميع ..
و على الفور اعتبر "البوذيّ "ذلك تلويحا من المؤسس بنفوذه التنظيمي فأصدر بيانا يستنكر فيه الأحداث الأخيرة و على ما يبدو تضمن البيان الذي وقع عليه "عزّت" و "المناضل" تلميحات أثارت غضب "المؤسس" على رفيقه الحميم , لذلك أيام و انشقت نون إلى جبهتين : انضم الشرس للمؤسس بينما انحاز الروسي تلقائيا للبوذي , تجاهل المناضل الأمر برمته و كالعادة اختفى خالد عبد القادر دون مبررات أو تحديد ولاءات..
و سرعان ما نشبت معارك شوارع عنيفة و متعددة بين جبهتي نون أدت إلى تحويل وسط البلد إلى منطقة مغلقة نظرا للدموية البالغة الذي تعامل بها الطرفين مع الأمر..روى شهود العيان عن إنفجارات هائلة تنشب فجأة قرب ميدان طلعت حرب و شارع شريف أضاءت ليل باب اللوق و روض الفرج لأسابيع , و سمع بعضهم صوت البوذي المميز وهو يغني لفيروز خلال الإنفجارات بينما رآه آخرون فوق أحد المباني العتيقة يسدد بندقيته القنّاصة إلى جهة ما ثم يستغرق في الضحك تماما و يصرخ : الدنيا خربانة...و سوريا خربانة.. ,بعدها تعقدت الأمور باضطرار الجميع إلى هدنة إجبارية في بدايات 2009 لأسباب خفية تتعلق بتوجيهات صارمة من العرّاب أو
the GOD father
الذي اجتمع بسالم عبادة في "مارسيليا " و حمّله رسالة مهمة إلى كل من المؤسس و البوذيّ , تلاشت بعدها الأخبار تدريجيا إلى أن ظهرت "نون" مجددا كجماعة أدبية غير مسلحة تقتصر على الإحتفالات الأدبية الودودة البسيطة يتبادل فيها الأعضاء سب الدين و اللكمات من حين لآخر ثم إغلاق الأنوار و العودة إلى البيت.
ت

2 comments:

Anonymous said...

حمادة صيدلة ده الفخرانى

كريم الصياد said...

نبيع ونشتري الأثاث المستعمل
"وظيفة تمويهية للتهرب من الضرائب والأمن"