Wednesday, April 25, 2012

جَيْلان




"جَيْلان"


1

ارتبكتُ، ثم أدركتُ أنها فرصة، كانت تسير وحدها ببطء أمام إحدى الفاترينات في "سيتي ستارز" ، المرة الأخيرة التي رأيتها فيها كانت منذ شهور، في صورة حسابها على فيسبوك، لم أصدق أنها هي: تحجّبت، تقف في صالة بيت، تحمل فوق كتفيها طفلاً يشبهها قليلاً في رسمة الوجه، يبتسم كلاهما في سعادة.
حينها ورغم أني قد قمت بالبحث عنها عدة مرات على فيسبوك إلى أن حالفني الحظ، لم أضغط على طلب الإضافة، ترددت قليلاً، فكرتُ أن أرسل لها رسالة، ثم تراجعت، ما حدث في اللقاء الأخير بيننا كان مزعجاً، وما حدث لي أنا تحديداً منذ هذا اللقاء، أقنعني أني لا أحتاج لذلك، لكن هذه المرة أدركت أن الفرصة سانحة لتصفية حساب قديم، لم يغلق بعد وآن تسويته بالكامل.
رتبت ذهني جيداً وتهيأت، ثم تحركت في الاتجاه المقابل لها بحيث يبدو لقاءنا عفوياً، كانت تتأمل الفاترينة في اندماج تام، الأمر الذي احتاج أن أقترب كثيراً، أتوقف فجأة مندهشا، ثم أناديها:
_ جيلان!
رفعتْ رأسها، اندهشتْ وحدقتْ فيّ جامدة للحظة، ثم ابتسمت في ارتباك غائم: إزيك؟، حاولت أن أبدو طبيعياً قدر الإمكان، كأنه يحدث يومياً، وبدا أنني نجحت في ذلك: إزيك يا جيلان...يااااه...عاش من شافك؟، "آه وإنت كمان"، "عاملة إيه وإيه أخبارك؟"،"تمام..تمام"، "مش معقول..أنا مش مصدق..عاملة إيه يا جيلان؟"،ردت في هدوء " كويسة الحمدلله"  فكرتُ أنها بعد لم تدرك أنني أحاول الوثب فوق تاريخنا المشترك بشياكة، بأريحية الحنين إلى الماضي بكل ما قد يعتريه من كدر، الحنين إلى "لعب العيال" مهما كان سخيفا، والذي لا يجب أن يصدر لنا الآن أي ضغائن، مقابل الاستمتاع الخفيف بكوننا تخطيناه، نحن الناضجان اللذان التقيا صدفة، لكن مع الوقت بدأت أدرك أنها إلى اللامبالاة أقرب من الذكرى السيئة."اتغيرتي كتير..بس انبسطت جدا إني شفتك!"، "ربنا يخليك"، "إيه فين أراضيك دلوقتي وبتعملي إيه"، "مفيش...اتجوزت وبشتغل وكده"، نظرة رخوة، خاوية، في عينيها البنيتين الواسعتين شوّشتني، كان الرفض أو الرد المقتضب أكثر طبيعية من هذه اللامبالاة البيضاء وهذا الرد المتراخ، كنت أتوقع ردة فعل مختلفة تماما، "طيب إيه؟..أنا لازم أعزمك على حاجة مش حينفع" "لا لا ملوش لزوم" "لا يا جيلان مينفعش..طب بصي ممكن أعزمك على شاي بسرعة من هنا.." تحركتُ بسرعة قبل أن ترفض.


2

كنتُ واقفاً في شارع التحرير انتظرها أمام السينما، ثم رأيتها قادمة من بعيد، كما كانت على الدوام، مبهجة وأنيقة الألوان، بابتسامتها الجانبية الخفيفة وشعرها الأسود الحرّ القصير المتراقص مع كل خطوة على جانبي رأسها، إلا إنني تجهمّت، وكانت تفهم لماذا، جلسنا في السينما صامتين طوال مدة الفيلم، وحين خرجنا، قررت أن أفعل ما كان علي فعله من فترة، أخبرتها بوضوح أنني غير راض عن تصرفاتها، ولا عن صداقاتها الواسعة بزملاء في الكلية، ولا عن طريقتها في اللبس، ولا طريقتها في التعامل مع الآخرين عموماً، لم تكن هذه المرة الأولى التي أعلق فيها على مثل هذه الأشياء، ولكنها كانت أكثرها حدة وتهديداً، انفعلت هي الأخرى، احتد كل منا على الآخر، فقررتْ أن تنهي الأمر وهي تردد أنها ملت وأنها ليست عجينة صلصال جديدة أشكلها كيفما أشاء وأنها وأنها، ثم أوقفت تاكسي في عصبية ورحلت.
بعدها ذهبت إليها في الكلية، دون ميعاد، كانت تقف مع زملائها، ناديتها، أتت وسألتني بحدة:نعم؟، لم يعجبني الأمر، اشتبكنا من جديد، انزعج أحد زملائها، واقترب، في اللحظة التي كنت أخبرها فيها: إن اللي بتعمله ميلزمنيش، فردت: وأنا كمان، حاول الزميل الاستفهام، لم يعجبني تدخله، دافعتْ عنه، فاستخففتُ أكثر به وبها، استخفّ بي، فاشتبكتُ معه، وتطور الاشتباك إلى عركة كبيرة بيني وبين زملائها حضر على إثرها أمن الجامعة ثم غادرتُ.كانت هذه هي المرة الأخيرة، منذ أكثر من ثمانية سنوات، هل لا تزال  "جيلان" تستعيدها بنفس حضور الذكرى واكتمالها في ذهني؟، لفترة طويلة بعدها كنت كلما تذكرت "جيلان" شعرت بغصة في حلقي من هذه النهاية السخيفة، المخجلة، لقصتنا معا، لقصة تخصني أنا تحديداً مضطر أن أتعامل معها كتاريخ شخصي تمّ ولا سبيل إلى تغييره، ولفترة أطول، ظلت "جيلان" في خلفية ذهني كلما دخلت في علاقة أو خرجت منها، أتذكرها بمزيج من الغضب والحنق والكراهية والحنين، أتخيلها ترى انتصاراتي المتكررة والمعلنة فتشعر بالندم أو الحسرة أنها سمحت لنفسها أن تفقدني.
"على فكرة، أنا شفت بروفايلك على فيسبوك ومصدقتش"، قلتُ بينما نرتكز على سور أحد الأدوار ممسكين بكوبي شاي ورقيين، كانت قد رفضت أن نجلس في الكافيه وفضلت أمام إلحاحي الشديد أن نشربه معا واقفين أمامه بالخارج، "بس عرفتك وشفت صورتك مع ابنك ماشاء الله"، "زياد..بقى أكبر من الصورة دلوقتي"، "فعلاً؟"،"آه..أصلي مبدخلش الفيس كتير"، انتظرتُ دورها، أن تخبرني أنها رأتني في أي مكان، لكنها اكتفت باحتساء الشاي وهي تحدق بعيدا في شرود، "الثورة خلت كل الناس تخش ع الفيسبوك..حزعل أوي لو طلعتي فلول يا جيلان؟" "تفتكر إني ممكن أبقى كده؟" تجمدت ودق قلبي بعنف، كانت قد قالتها وهي تنظر إلي نفس النظرة القديمة، حين تعرف أنني أقول أي كلام، وفي الإشارة الخفية إلى: أنت تعرفني جيداً بلاش عبط.
استعدت توازني "مين عارف بقى..ناس كتير فوجئت إنهم بقوا فلول!"، "بس أكيد مش أنا"..كنت في إشارتي إلى الثورة أنتظر ردوداً أخرى، "أنا آسفة مضطرة أتحرك.." "آه أوك يلا بينا أوصلك لحد تحت" " لا مفيش داعي..ميرسي جداً على الشاي" "العفو يا جيلان..خليني أوصلك"، كنت ألح على نحو ضاغط، لأنني لم أحصل بعد على ما أنتظره، ولأن انتهاء الأمر على هذا النحو، يزيد الحساب المفتوح ثقلاً، يزيده عمقاً في ذاكرتي، وفي نفس الوقت يسحبه من جديد  إلى السطح وهو ما لا يجب أن أقبله على الإطلاق.


3

"مش مستغربة إنك شفتيني في المول؟" كنا نازلين على السلم الكهربي،"مش فاهمة؟"، ذاهلة عني في أضواء الفاترينات الكثيفة، "يعني..كنت دايماً بقول إني مش بتاع مولات ونوادي والمجتمعات الاستهلاكية دي" ابتسمت نصف ابتسامة وهي تنظر لي بطرف عينها "آه.."، كان ما يحدث فوق احتمالي، أن أتشبث هكذا في الفراغ أمام واحدة مثل "جيلان" لأثبت لها أي شيء، بعد كل ما أنجزته وكل ماحدث لي، هذه البلهاء التافهة الضحلة قليلة الثقافة، التي يناسبها جداً أن تكون خارج دائرة الوعي، لا تدخل على فيسبوك، وأخر ما تفعله على الإنترنت هو التجوّل في مجموعات الطبخ والإكسسوار، حسابها الكابي على فيسبوك كان كفيلاً بتأكيد أنها كما كانت لاتزال، بصورتها واقفة في صالة منزلية تقليدية، أثاث ثقيل خشبي داكن، وابتسامة بلهاء واسعة، وطفل يشبهها، وزوج من المحتمل أنه في نفس مساحتها الضيقة من الحياة، محاسب متوسط ربما في شركة ما، حزب كنبة، جلسا جنباً إلى جنب يولولان أيام الثورة على الأمن والاستقرار، أيّدا بقاء مبارك عدة أشهر، وابتلعا أكاذيب المؤامرة الإخوانية والإيرانية على مصر، هذا هو المتوقع، كما كانت على الدوام محبطة بالنسبة لي ، بلا أي ثقافة حقيقية، رأيها يشابه رأي أي فتاة في مثل سنها في الطريق، صدمني هذا في بداية علاقتنا، أنا القارئ الخبير والمتابع النهم للسينما، حين أشبهها بإحدى أيقوناتي الهوليودية، فتتساءل عن الإسم باستغراب، أن تصر على بقاء نغمة أنا ليك لـ "سامو زين" على موبايلها، نعم كان ملائما جداً لـ"جيلان" أنها لا تفتح الفيسبوك رغم صعوبة تخيل أن أحدا لا يفعل هذه الأيام، لكنها دون شك تشاهد التلفاز أو يشتري زوجها الصحف، من المؤكد أنها لاحظت ما حدث لي، "جيلان" ليست أجمل من عرفتهن، ليست أذكاهن، لكن كان لها جاذبية ما أعرفها جيداً، أختبر ما يشبه ذكراها الآن على نحو غائم، "جيلان" لا يمكن بحال مقارنتها بـ "نيللي"، مقارنة مماثلة إهانة حقيقية لـ"نيللي"، التي سيناسبني كثيراً أن أحكي لها ما حدث اليوم في سياق "الماضي يعود محملاً بالغرابة"، وصلنا إلى بوابة المول، أراحتني قليلا خواطري السابقة، قطع انتقامي الذهني رنة موبايلها: حسين الجسمي "ربنا ربنا يا وليّ النعم"، موبايل نوكيا وردي بحلية دبدوب فضي مدلاة، ابتسمتُ عميقاً داخلي، دفعتُ لها باب المول.


4

خلال الثمانية عشرة يوماً للثورة، اشتهرتُ بفيديو خطبة قصيرة  ألقيتها ارتجالاً فوق منصة هارديز بعد خطاب "مبارك" الأول، أصرخ فيها أننا لن نغادر هذا الميدان إلا منتصرين أو جثثا، صورها أحدهم بجودة عالية، ورفعها على الإنترنت، لتنتشر بعد معركة الجمل في اليوم التالي كالعدوى على فيسبوك، كأحد الفيديوهات الأيقونية للثورة، انتشر تحت اسم "اسمعوا ثوار التحرير" و"خطبة أحد أبطال الميدان"..إلخ، وبعد التنحي استضافني يسري فودة بسبب الفيديو في إحدى حلقاته، خاصة مع ظهور صورة لي مصاباً في المستشفى الميداني، وبعدها مع إبراهيم عيسى، الذي عرض علي كتابة عمود إسبوعي في جريدة "التحرير" تظهر على رأسه صورة أنيقة لي، اشتركت مع أحد أصدقاء الميدان في كتابة كتاب عن ذكريات أيام الثورة وحقق مبيعات عالية، ظهرت في عدة برامج حوارية، انتشرت عدة مقاطع لي وأنا أرد على كادر إخواني أو محلل استراتيجي أو أحد مسئولي الدولة، واعترف أنني كثيراً ما كنت أفكر وأنا أشاهد نفسي على الشاشة أو جالساً في كواليس برنامج ما أو أقرأ مقالتي أو خبرا عني في الصحف أن "جيلان"، ضمن آخرين، قد رأتني أو ستراني، أتخيلها تتأملني على الشاشة  وتفكر أنها تركت هذا والآن هي عالقة للأبد مع أيا كان الذي يجلس جوارها على الكنبة،كان شعوراً خفياً بالانتصار، لم يعد فيه لدي أي شك، مع تصاعد شهرتي وتردد اسمي من حين لآخر، أن "جيلان" على نحو أكيد رأتني.
"أتمنى متكونيش لسه متضايقة من اللي حصل زمان" قلت بينما نخطو في المساحة الكبيرة الواسعة أمام المول، كانت شاردة أمامها في صمت، "لا أبداً..ليه بتقول كده؟" "مفيش حاسك متضايقة شوية" " لا لا أبداً..طنط عاملة إيه"، رغم أن سؤالها بدا روتينياً، لكن ابتهجت لتذكرها صداقة العائلتين  القديمة،"كويسة الحمد لله وطنط؟" " الحمد لله تمام"، "رحتي التحرير؟" ابتسمتْ "لا مكنش ينفع أنا ساكنة في التجمع وزياد.." "أها" "مصر اتغيرت بعد الثورة كتير جداً" "آه..شفتك مرة على التلفزيون" "بجد؟!..إمتى" "مش فاكرة..كنت في مكان فيه تلفزيون غالبا عيادة دكتور زياد"، "ممممم..كان برنامج إيه" "مش فاكرة"، ابتسمتُ "طيب كنت بقول إيه طيب؟" ابتسمتْ "مكنتش مركزة أو كانوا قافلين الصوت" "أها"..وصلنا إلى الشارع، "أنا بس مستغرب من حاجة يا جيلان..إنتي مسألتنيش عن أي حاجة عني، بعمل إيه وفين.." قلتها مبتسماً، هزت كتفيها وابتسمت على نحو خافت كأنها لا تجد ما تقوله،"مفيش.. يعني..أتمنى تكون كويس.. "، "ربنا يخليكِ يا جيلان" "أنا مضطرة أمشي آسفة، فرصة سعيدة جداً، مع السلامة"، "أنا أسعد يا جيلان." تركتني "جيلان" ومضت مبتعدة بخطوات بطيئة متراخية، وقفت مكاني أتأملها، أكبح نفسي من البكاء بصعوبة.
     


34 comments:

Anonymous said...

جميلة جدا..جدا تركتنى وانا التى تريد بالفعل ان تعرف ترى ماذا كان يدور بداخل صدر جيلان :)

فى مشاعر كتير اتقالت برغم انها متقالتش ومشاعر كتير متقالتش وكانت محتاجة تتقال

جيلان نص جميل امتعنى بحق شكرا لك

أحمد الفخرانى said...

true story

إيمان كامل said...

للأسف الدنيا مليانة جيلان

كراكيب said...

الفقرة التالتة هايلـة

جميـلة فعلاً

Anonymous said...

loved it

Anonymous said...

بسيط وعميق ومؤثر

youssef said...

قصتك و جيلان هي قصة الثورة و الكنبة بتفاصيل بشرية دقيقة .. الثورة فيض رومانسي مثالي حالم منطلق بلا حدود لا يعترف بالعقل و المنطق و الكنبة ركود و بلادة وأفق ضيق و حصار .. طريقان لا يلتقيان .. المؤلم هو أنك عرفت جيلان يوم كانت شخصا آخر جميلا و مبهجا و منطلقا .. و المأساة أنك لا تعرف اي شبح يوجد أمامك الآن وأنه لن يفهمك أبدا و أنك لن يمكنك أن تغيره أبدا رغم كل ما تشعر به من انتصار .. مثل الثوريين الذين يفتخرون بانتصاراتهم وهم لا يعرفون أبدا كيف يغيرون من ملايين أعضاء الكنبة ليروا بعيونهم ما يرونه بعيونهم الضيقة وهم يلعنون الثورة وما فعلته كل لحظة .. حكيك شيق و خصب و أليم

Entrümpelung said...

Thank you for your wonderful topics :)

Wohnungsräumung said...

Thank you for your wonderful topics :)

Entrümpelung wien said...

شكرا على الموضوع ..)

Entrümpelung said...

شكرا ع الموضوع

Firmenumzug Wien said...

Thank you for your topic and great effort

Entsorgung Wien said...

Thank you for your wonderful topics :)

Entruempelung wien said...

ممتاز ... ممتاز .. ممتاز جدااً
Entruempelung
Entruempelung wien
Wohnungsraeumung

Divergent Mind said...

أسلوبك جميل, بارك الله لك و لكن أشعر بصراع داخلى بين كونى أريد أن أتعاطف مع الراوى و بين كونه ما ينبغى أن يتحدث هكذا مع امرأة متزوجة
ماذا ينتظر منها أن تفعل و هل يحب هو أن يفعل أحدهذا مع رزجته أو خطيبته مثلا

umzug said...

Thanks to topic

Green said...
This comment has been removed by the author.
Green said...

ربما جيلان هي شيء مثل الهزيمة العميقة ..
الهزيمة التي لا تُخفيها ملايين الانتصارات الفقاعية الملونة :)
مثل وجع القلب و التساؤلات التى بلا أجوبة..

Unknown said...

كويس جدا بس مش عارف ليه شافته فى التليفزيون اصلاً دى لازم واحدة ايديها اتبرت من غسيل المواعين ومخها اتلحس من مسلسلاتنا الهابطة

Unknown said...


thx

كشف تسربات المياة
غسيل خزانات
شركة نظافة عامة

Unknown said...

thank you

سعودي اوتو

Maha said...

قصصك جميلة أوي
حاسة كده زي ما تكون موسيقي هادية إيقاعها متأمل و فيها حزن ما مدفون.

سعودي اوتو said...


اخبار سيارات
سعودي اوتو

دورات تدريبية said...

شكرا لكم

مستشار اسري said...

رااااااااائع

تدريب مدربين said...

يسلمووووووووووووووووو

Unknown said...

Excuse me for share Obat nyeri dada akibat asam lambung naik have Obat kulit wajah belang dan kering keep Biaya operasi miom atau mioma saat ini must Obat penebalan otot jantung leaf Obat varises alami paling ampuh small Obat benjolan di leher belakang sebelah kanan dan kiri room Obat lambung bocor miss Obat gatal di selangkangan paha hungry Obat dermatitis atopik happy Obat abses anus Thank you...

Unknown said...

Sharing informations Obat keloid di dada think Obat benjolan di perut sebelah kanan dan kiri much Obat penghilang varises di kaki dan betis track Lapak kesehatan herbal old Obat sakit tulang rusuk sebelah kiri dan kanan maybe Obat luka borok bernanah dan berair lucky Obat gatal bentol di kemaluan pria dan wanita story Obat benjolan di siku tangan think Obat edema paru know Obat benjolan di kemaluan wanita Thank you...

Ya Maulana said...

Permission to share friends, articles about health and hopefully useful for allCara Menyembuhkan Bintitan Obat Panu Cara Mengobati Cacar AirObat Pelancar Haid Alami Obat Susah Kencing

Unknown said...

I can only express a word of thanks. Because with the content on this blog I can add knowledge I, thank has been sharing this information. Do not forget to visit our website to share information and knowledge about health.
Solusi Pengobatan Alami teripang emas |
Apa Itu Sangkadi gamat emas |
cara mengobati gudik bernanah|

OGEN Infosystem (P) Limited said...

You always provide quality based posts and always meaningful. Thank you so much for sharing such an amazing blog with us. Visit
Lifestyle Magazine India

Lalisa Lisa said...

The post is written in very a good manner and it contains many useful information for me

cara mengatasi sakit punggung kronis
cara mengobati infeksi ginjal secara alami
cara mengobati batu ginjal secara alami
cara mengobati hepatitis secara alami
cara mengobati infeksi paru paru secara alami
obat benjolan di kepala paling ampuh
cara mengobati sinusitis secara alami

Achmad Syarifuddin said...

Sharing nih Obat varikokel tanpa operasi sef Obat pereda nyeri haid yang aman Luy Obat sakit tenggorokan disertai batuk kering suy Obat paru paru basah puri Obat oles jerawat untuk ibu hamil dan menyusui take Obat benjolan di dekat lubang dubur / anus tanpa operasi mun Obat benjolan di payudara kanan dan kiri cuv Obat sakit di bawah diafragma sebelah kanan dan kiri my Obat benjolan di gusi muy Biaya operasi hidrokel Thank you...

jabierulmen said...

CASINO STATION (New Jersey) - JTM Hub
CASINO STATION (New Jersey) 하남 출장샵 - 부산광역 출장마사지 The casino is 경기도 출장샵 located at 1 P. M. 김천 출장마사지 Atlantic City 과천 출장샵 Boulevard, Suite 206, Atlantic City, NJ 08401.